الحبّ هدف يسعى إليه الكل.. والبعض يبحث عنه على الإنترنت أو الموبايل أو بالخروج من دائرة المعارف الصغيرة، وقد يقابل شريك حياته أو يصدم بقصة وهمية أو يسقط في فخ خداع، كما يحدث على شبكة الإنترنت التي تخفي وراءها شخصية مستخدميها.
عالم الإنترنت يتميز بالخصوصية وإقامة علاقات دون معرفة الشخصية الحقيقية، مما يوقع بعض الناس في مقالب وأكاذيب، رغم أنّ الإنترنت وسيلة مهمة للتواصل لكنه سلاح ذو حدين.
تقول هبة البالغة من العمر21 عامًا: رسبت في السنة الأخيرة بالكلية، وكان لدي وقت فراغ، فكنت أقضي أغلب أوقاتي على الإنترنت، ومن خلاله تعرفت على شاب مصري يعيش في السعودية، ومن خلال كلامنا أحبني وأحببته وصار لا يمر يوم إلا ونتكلم، ووعدني بالزواج وتطور الأمر من الإنترنت إلى الموبايل ولا أخرج لأيّ مشوار إلا بعد أن أستأذن منه، وما زلت أحيا على أمل أن يأتي إلى بيتنا قريبًا.
كــــــــذاب........
أما أميرة محمد البالغة من العمر 22 عامًا فتقول: أنا من ضحايا الشباب الذين يتخفون وراء أسماء بنات على فيس بوك، تكلمت مع ولد على أساس أنّه بنت ولم أكن أعرف، وتكلمنا في عدة موضوعات ومنها الحب وعرف عنى أنني من البنات التي لديها تحفظات في الكلام مع الشباب، وبعد فترة أصبحنا أصدقاء لكنه أنشأ حسابا آخر باسمه الحقيقي وإعترف لي أنه ولد وليس فتاة، فكانت صدمة لي، وبدأ يطاردني بالرسائل على فيس بوك، ويقول إنه يحبني ويريد التقدم لي للزواج، ويريد أن تستمر علاقتنا على الإنترنت لكي نتعرف أكثر، لكنى رفضت لأنه شخص كذاب.
* إشــباع الحرمـان:
وترى أميرة بدران المستشارة النفسية والإجتماعية: أنّ لجوء الشباب والفتيات للإنترنت يرجع إلى أننا لم نوفر لهم أنشطة مفيدة نظيفة، مشيرة إلى أن الفطرة تدفعهم للحب والإرتباط، وهناك غياب لثقافة الإختلاط المنضبطة.
وقالت: هناك مدرسة تحارب الإختلاط وتتجنبه طوال الوقت قدر الإمكان، ومدرسة أخرى تترك الحبل على الغارب، متناسية أن الإختلاط دون ضوابط يتسبب في مشكلة أيضًا، موضحة أنّه يكون الأسلم من وجهه نظر بعض الشباب في ظل هذا الإفراط والتفريط أن تكون هناك علاقات سرية تتيح إشباع العاطفة، ولا تمتد للواقع الذي يرفضها.
وتطالب بضرورة توافر أنشطة هادفة ونظيفة وعامة تتيح الإختلاط بشكل يخدم الفطرة وينفس عنها دون وقوع في علاقات غير منضبطة.
وتحدد أميرة بدران أسباب وقوع الشباب في فخ علاقات الإنترنت في:
ـ غياب حوار المشاعر والعلاقات وحدودها للفتاة والشاب، وتمييز تلك العلاقات إلى علاقات عامة وعلاقات خاصة ولكل منها ضوابطه وأدبياته وحدوده.
ـ وجود مشكلات داخل الأسرة كنقص الإهتمام النفسي والرعاية النفسية، والحوار، والبوح والتعبير، فيلجأ الشباب إلى عالم الفضاء الواسع ليستمع إليه أي شخص، ويحدثه عن أفكاره وهمومه، فتأخذ شكل علاقة حب بالتزوير رغم أنها تنفيس عن النقص والجوع والحرمان في الأسرة.
ـ وجود مشكلات لدى الشخص نفسه لا يستطيع أن يواجهها ويعالجها بشكل صحيح، فيعالجها من خلال الشبكة، كأن يكون الشخص منطويًا فاقد الثقة بالنفس ضعيف العلاقات، لا يستطيع التعبير عن نفسه وعن آرائه، لكن الشبكة تمكنه من كل ذلك ولا مانع من أن تأخذ شكل الحب.
ـ فقدان الأنشطة الحقيقية المجمعة للأسرة سواء الصغيرة أو الممتدة، مما يتيح وقت فراغ يتم استثماره فيما لا يفيد.
ـ ضيق ذات اليد خاصة في العشرينات بسبب الوضع الإقتصادي، ومتطلبات الزواج التي صارت تحتاج إلى عصا موسى السحرية، مما يجعل البعض يفضل العيش في حالة حب لا تكلفه شيئًا للبعد عن الرقابة المجتمعية والفراغ الذي يعيش فيه أغلب الشباب.
* الوقاية من الخداع:
وأكدت نيفين عبد الله وهي مستشارة ومدربة اجتماعية، أن مجتمع الإنترنت وعلاقاته كلها غير حقيقية وتقوم على الكذب والادعاء، وكل شخص له شخصية على الإنترنت ليست شخصيته الحقيقية وإنّما تكون أقرب للشخصية التي يتمنى أن يكون عليها في الحقيقة.
وقالت: إن الوقاية من هذا الخداع ليست في الرقابة أو المنع، لكن في علاج الأسباب، مشيرة إلى أن بعض الشباب يدخل لملء الفراغ سواء فراغ الوقت أو فراغا نفسيًّا أو عقليًّا أو روحيًّا أو اجتماعيًّا.
وتضيف نيفين عبد الله: لو كان لدى الشباب قدر من العلاقة المعقولة بربهم فستكون لديهم رقابة ذاتية تمنعهم من الوصول إلى إحتياجاتهم النفسية بطرق خاطئة، مؤكدة أنه عندما يكون لديهم علاقات مشبعة مع أهلهم وأصدقائهم ومجتمعهم لن يضطروا إلى البحث عن بديل بطريقة خاطئة.
وقالت: إذا أردنا البحث عن طرق للوقاية فلا بد أن نعالج الأسباب.
الكاتب: مريم العجمي.
المصدر: بوابة الحرية والعدالة.